http://alaathar.com/?p=555
الحق .. أحق أن يتبع
الحق .. أحق أن يتبع
لفضيلة الدكتور عبد المنعم محمد حسنين
المدرس في كلية الدعوة وأصول الدين
نشرت مجلة آخر ساعة القاهرة في عددها الصادر يوم 13 شوال 1396ﻫ الموافق 6 أكتوبر 1976م حديثاً للدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر أشار فيه
المدرس في كلية الدعوة وأصول الدين
نشرت مجلة آخر ساعة القاهرة في عددها الصادر يوم 13 شوال 1396ﻫ الموافق 6 أكتوبر 1976م حديثاً للدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر أشار فيه
إلى ما تردد من أن بعض الشبان قد حاولوا في الشهور الأخيرة أن يحطموا الأضرحة التي توجد في بعض المساجد
بحجة أن الصلاة في هذه المساجد حرام وباطلة بسبب وجود الأضرحة. وقال الدكتور عبد الحليم رداً على سؤال حول هذا الموضوع ما نصه:
“إنّ هؤلاء الذين يفعلون ذلك لم يذهبوا لزيارة مسجد رسول الله – صلى الله عليه وسلم-, إنّ هذا المسجد المبارك به الضريح الشريف لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبه ضريح الصديق رضي الله عنه، وبه ضريح الفاروق عمر.
ونحن في هذا المسجد نصلي أمام الأضرحة،
وعن يمين الأضرحة فتكون الأضرحة أحياناً من خلفنا، وأحيانا أمامنا، وأحيانا عن يميننا وأحيانا أخرى عن يسارنا, والصلاة في هذا المسجد المبارك بألف صلاة. ومعنى هذا أنّنا لا نصلي لصاحب الضريح ولا نسجد له، وإنما نصلي لله سبحانه وتعالى، ونؤمن في يقين – لا شك فيه – بأن الله وحده هو صاحب التصرف في الكون، وهو وحده المعبود، لا إله غيره، ولا رب سواه”.
وهكذا حاول الدكتور عبد الحليم محمود أن يدافع عن وجود الأضرحة في المساجد,
وأن يبيح استمرار وجودها, مستدلاّ على ذلك بوجود قبر الرسول – صلى الله عليه وسلم – وقبري صاحبيه أبي بكر وعمر بالمسجد، وهو يعلم أن الرسول نهى عن ذلك، وأنّ الذي أدخل قبره بالمسجد قد خالف سنته.
وشيخ الجامع الأزهر يعلم – أيضا –
أنه لا يجوز اتخاذ المساجد على القبور؛ لأن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال: “لعن اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد” وهو حديث متفق عليه. فالذين يعظّمون القبور ويبنون عليها المساجد والقباب يخالفون ما نهى عنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ويحادون ما جاء به، بل إنهم بعدم اتباعهم هدي الرسول يعصون الله الذي قال: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} “النساء: 80” وقال جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمرِ مِنْكُمْ} “النساء: 95”.
والشيء الذي لا شك فيه أنّ الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر على علم بما قاله الله ورسوله، إذ من المستبعد عقلا أنّ عالما مثله، يشغل أكبر منصب ديني في بلاده لا يعلم أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن اتخاذ المساجد على القبور، ونهى عن الصلاة إلى القبور، فكيف يدافع عالم في مثل منصبه عن وجود الأضرحة في المساجد؟!
والشيء العجيب حقا
أن الدكتور عبد الحليم محمود في إجابته عن السؤال الخاص بمحاولة بعض الشبان تحطيم الأضرحة التي توجد في بعض المساجد لأن الصلاة في مثل هذه المساجد حرام وباطلة بسبب وجود الأضرحة،
حاول أن يلبس الحق بالباطل، وأن يكتم الحق مع علمه به، فلم يذكر موقف الإسلام من اتخاذ المساجد على القبور،
أو من الصلاة إلى القبور، بل ترك هذا الموضوع إلى أمر آخر، وهو أن الصلاة في مسجد الرسول بألف صلاة. أليس الاستناد في الدفاع عن وجود الأضرحة في بعض المساجد إلى أن الصلاة في مسجد الرسول بألف صلاة نوعاً من المغالطة وخلطا بين الحق والباطل؟!.
ألا يعلم الدكتور عبد الحليم محمود أن الله نهى بني إسرائيل عن إلباس الحق بالباطل وكتمان الحق مع علمهم به، فقال تعالى مخاطبا إياهم: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} “البقرة : 42” ثم خاطبهم بقوله جل وعلا: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} “البقرة : 44”.
ألا يعلم الدكتور عبد الحليم محمود أن الله نهى بني إسرائيل عن إلباس الحق بالباطل وكتمان الحق مع علمهم به، فقال تعالى مخاطبا إياهم: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} “البقرة : 42” ثم خاطبهم بقوله جل وعلا: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ} “البقرة : 44”.
ألا يعلم شيخ الجامع الأزهر أنّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أمر بتسوية القبور، وأنّ مخالفة أمر الرسول،
وتعلية القبور واتخاذ المساجد عليها، كانت جميعها من ذرائع الشرك ووسائله؟.. إنّ وجود الأضرحة في المساجد أدّى إلى الفتنة بأربابها، فلما وقع التساهل في هذه الأمور وقع المحذور وعظمت الفتنة بأرباب القبور، وصارت القبور محطا لرحال المعظمين لها، وانصرف هؤلاء المعظمون عن عبادة الله، وأخذوا يدعون أرباب هذه القبور ويستغيثون بهم، ويتضرعون لهم، ويذبحون وينذرون، فصرفوا للقبور جل العبادة مرتكبين كل شرك محظور.
والواقع أن القبور التي بالمساجد قد أبعدت الناس عن التوحيد,
ولا إنقاذ لكثير من المسلمين من التردي في هوة الشرك إلا بإزالة الأضرحة التي بالمساجد؛ لأن المساجد لله، فينبغي أن يدعى الله وحده فيها،
يقول الله جل وعلا: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} الجن : 18؛ ولأن وجود القبور بالمساجد يصد الناس ويصرفهم عن إخلاص العبادة لله وحده، كما يُسيءُ إلى النفوس، ويجعلها تذل لغير الله، ويجردها من العزة بتوحيد الله تعالى. وأصل الشرك أن يوجه حق الله في العبادة إلى غيره تعالى، أو يعتقد أنّ مخلوقا من خلق الله له سلطان فوق قدرة المخلوقين، وهذا هو اعتقاد من غفلوا عن كنه التوحيد الخالص في المقبورين من أرباب الأضرحة التي توجد بالمساجد فهم يعتقدون أنّ لهم من القوة أو الجاه ما يمكّنهم من تصريف الأمور، وجلب المنافع، ودفع المضار, وغيرها مما لا يقوى عليه إلا رب العالمين.
ولا يستطيع الدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر
أن ينكر أنّ هذا هو الذي يحدث فعلا في المساجد التي توجد بها أضرحة،
فالدفاع عن بقاء هذه الأضرحة بالمساجد،
واستنكار الدعوة إلى إزالتها معناها الموافقة على بقاء ذرائع الشرك ووسائله،
وهذا ما لا يقبله عالم ديني كبير كشيخ الجامع الأزهر.
ولقد صدق العلاّمة ابن القيم –رحمه الله-
حين قال: “ومن جمع بين سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في القبور، وما أمر به، ونهى عنه،
وما كان عليه أصحابه، وبين ما عليه أكثر الناس اليوم،
رأى أحدهما مضاداً للآخر، مناقضا له بحيث لا يجتمعان أبداً، فنهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن الصلاة إلى القبور وهؤلاء يصلون عندها وإليها، ونهى عن اتخاذها مساجد، وهؤلاء يبنون عليها المساجد، ويسمونها مشاهد مضاهاة لبيوت الله، ونهى عن إيقاد السرج عليها، وهؤلاء يوقفون الوقوف على إيقاد القناديل عليها، ونهى عن أن تتخذ عيداً، وهؤلاء يتخذونها أعياد ومناسك، ويجمعون لها كاجتماعهم للعيد أو أكثر، وأمر بتسويتها, كما روى مسلم في صحيحه، وهؤلاء يرفعونها عن الأرض كالبيت، ويعقدون عليها القباب, ونهى عن تجصيص القبر والبناء عليه، كما روى مسلم في صحيحه عن جابر – رضي الله عنه – قال: “نهى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن تجصيص القبر، وأن يعقد عليه وأن يبنى عليه”.
ونهى عن الكتابة على القبور،
كما روى أبو داود في سننه عن جابر: أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن تجصيص القبور وأن يكتب عليها” قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وهؤلاء يتخذون عليها الألواح ويكتبون عليها القرآن وغيره.
ونهى أن يزاد عليه غير ترابها، كما روى أبو داود عن جابر أيضا: أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم – “نهى أن يجصّص القبر أو يكتب عليه أو يزداد عليه” وهؤلاء يزيدون عليه الآجر والحصى والأحجار.
والمقصود أنّ المعظمين للقبور، البانين عليها المساجد والقباب مناقضون لما أمر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – محادون لما جاء به. والدكتور عبد الحليم محمود شيخ الجامع الأزهر يعلم هذا جيداً، وينبغي أن يعلنه للناس، حتى يتبعوا الحق، لأن الحق أحق أن يتبع فهل يفعل فضيلته ذلك مرضاة لله ورسوله؟!
إن تعظيم الأضرحة بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، وقد بدأت عبادة الأصنام
إن تعظيم الأضرحة بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها والتقرب إليها، وقد بدأت عبادة الأصنام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق