بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأربعاء، 24 فبراير 2016

قبل ان تيأس-- قبل ان يصيبك اى احباط
اقرأ كى تتعلم
*********************************
فى ظلال آية وقوله تعالى (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِين) َسورة يوسف -110
****************************************************************
يقول : إنها صورة رهيبة , ترسم مبلغ الشدة والكرب والضيق في حياة الرسل , وهم يواجهون الكفر و العمى والإصرار والجحود .
وتمر الأيام وهم يدعون فلا يستجيب لهم إلا قليل ,وتكر الأعوام والباطل في قوته , وكثرة أهله ,
والمؤمنون في عدتهم القليلة وقوتهم الضئيلة .
إنها ساعات حرجة , والباطل ينتفش ويطغى ويبطش ويغدر .
والرسل ينتظرون الوعد فلا يتحقق لهم في هذه الأرض .فتهجس في خواطرهم الهواجس . .
تراهم كذبوا ؟
ترى نفوسهم كذبتهم في رجاء النصر في هذه الحياة الدنيا ؟
وما يقف الرسول هذا الموقف إلا وقد بلغ الكرب والحرج والضيق فوق ما يطيقه بشر .
وما قرأت هذه الآية والآية الأخرى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟ . . .)
ما قرأت هذه الآية أو تلك إلا وشعرت بقشعريرة من تصور الهول الذي يبلغ بالرسول هذا المبلغ ,
ومن تصور الهول الكامن في هذه الهواجس ,
والكرب المزلزل الذي يرج نفس الرسول هذه الرجة ,وحالته النفسية في مثل هذه اللحظات , وما يحس به من ألم لا يطاق .
في هذه اللحظة التي يستحكم فيها الكرب ,ويأخذ فيها الضيق بمخانق الرسل ,و لا تبقى ذرة من الطاقة المدخرة . .
في هذه اللحظة يجيء النصر كاملا حاسما فاصلا:
(جاءهم نصرنا , فنجي من نشاء , ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين). .
تلك سنة الله في الدعوات .
لا بد من الشدائد ,
ولا بد من الكروب ,حتى لا تبقى بقية من جهد ولا بقية من طاقة .ثم يجيء النصر
بعد اليأس من كل أسبابه الظاهرة التي يتعلق بها الناس .
يجيء النصر من عند الله ,فينجو الذين يستحقون النجاة ,ينجون من الهلاك الذي يأخذ المكذبين ,وينجون من البطش والعسف الذي يسلطه عليهم المتجبرون .
ويحل بأس الله بالمجرمين
مدمرا ماحقا لا يقفون له ,
ولا يصده عنهم ولي ولا نصير .
ذلك كي لا يكون النصر رخيصا فتكون الدعوات هزلا .
فلو كان النصر رخيصا لقام في كل يوم دعي بدعوة لا تكلفه شيئا . أو تكلفه القليل .ودعوات الحق لا يجوز أن تكون عبثا ولا لعبا .فإنما هي قواعد للحياة البشرية ومناهج ,ينبغي صيانتها وحراستها من الأدعياء .والأدعياء لا يحتملون تكاليف الدعوة , لذلك يشفقون أن يدعوها ,فإذا ادعوها عجزوا عن حملها وطرحوها ,
وتبين الحق من الباطل على محك الشدائد التي لا يصمد لها إلا الواثقون الصادقون ;الذين لا يتخلون عن دعوة الله ,
ولو ظنوا أن النصر لا يجيئهم في هذه الحياة !إن الدعوة إلى الله ليست تجارة قصيرة الأجل ;
إما أن تربح ربحا معينا محددا في هذه الأرض ,وإما أن يتخلى عنها أصحابها إلى تجارة أخرى أقرب ربحا وأيسر حصيلة ! والذي ينهض بالدعوة إلى الله في المجتمعات الجاهلية
- والمجتمعات الجاهلية هي التيتدين لغير الله بالطاعة والاتباع في أي زمان أو مكان –
يجب أن يوطن نفسه على أنه لا يقوم برحلة مريحة ,
ولا يقوم بتجارة مادية قريبة الأجل !
إنما ينبغي له أن يستيقن أنه يواجه طواغيت يملكون القوة والمال
ويملكون استخفاف الجماهير حتى ترى الأسود أبيض والأبيض أسود !
ويملكون تأليب هذه الجماهير ذاتها على أصحاب الدعوة إلى الله ,
باستثارة شهواتها وتهديدها بأن أصحاب الدعوة إلى الله يريدون حرمانها من هذه الشهوات ! . .
ويجب أن يستيقنوا أن الدعوة إلى الله كثيرة التكاليف ,وأن الانضمام إليها في وجه المقاومة الجاهلية كثير التكاليف أيضا .وأنه من ثم لا تنضم إليها -في أول الأمر – الجماهير المستضعفة ,
إنما تنضم إليها الصفوة المختارة في الجيل كله ,التي تؤثر حقيقة هذا الدين على الراحة والسلامة ,وعلى كل متاع هذه الحياة الدنيا .وأن عدد هذه الصفوة يكون دائما قليلا جدا .
ولكن الله يفتح بينهم وبين قومهم بالحق ,بعد جهاد يطول أو يقصر .وعندئذ فقط تدخل الجماهير في دين الله أفواجا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق